الأربعاء، 2 فبراير 2022

ورقة تعريفية بمدينة القنيطرة

 ورقة تعريفية بمدينة القنيطرة


القنيطرة سادس أكبر مدينة مغربية، تطل على الساحل الأطلسي، على بعد 40 كم شمال العاصمة الرباط. يسكنها 800 ألف نسمة .مر منها الأمريكيون والفرنسيون ،وفي حين بقيت بعض آثار الوجود الفرنسي ماثلة إلى اليوم بالمدينة، تلاشت بصمات الوجود الاميركي، إلا من بقايا يمكن تعقبها من خلال الروايات الشفاهية وبعض الصور في الحانات والنوادي التي كان يرتادها الاميركيون. ومن بين ما تركه الأميركيون، ثمة مكان لا يكاد يعرفه حتى أبناء المدينة أنفسهم، يتعلق الأمر بقبر الجندي المجهول في مدخل قصبة المهدية، بجانب تمثال لسمكة وضعت شعارا لوجود المرسى البحري بالشاطئ، وسبب وجود هذا القبر، برأي محمد بلاط، أستاذ التاريخ ومهتم بأحداث القنيطرة، يكمن في المواجهات الضارية التي شهدتها قصبة المهدية بين الفرنسيين والأميركيين بداية الأربعينات من القرن الماضي. وكان من نصيب القنيطرة أن تدخل قسرا من باب صفحة سوداء من تاريخ المغرب الحديث، حين انطلقت منها الطائرة التي قصفت الطائرة الملكية في سياق الانقلاب العسكري الفاشل عام 1972 الذي دبرته مجموعة من العسكريين كان على رأسهم الجنرال الدموي محمد أوفقير، الذي يحكي أبناء المدينة عنه أنه صال وجال في القنيطرة وعاقر الخمر في حاناتها وسهر الليالي في حي الحاج منصور على ايقاع أنغام «العيطة»، كما يسر بعض المولعين بنبش الماضي أن أوفقير ترك مقبرة كان يدفن بها عددا ممن عارضوا سياسته، في نفس المكان الذي كان يقيم به لياليه الحمراء. «لم تختر المدينة قدرها، بل هو من اختارها» يقول دارس تاريخ من أبناء القنيطرة.



غني عن البيان القول بأن مدينة القنيطرة تعتبر من كبريات المدن المغربية وأهمها على الإطــلاق في الشمال الغربي للمملكــة .
هذه المدينة التي تقع على الضفة الجنوبية لنهر سبو على بعد 12 كلم من المصب بالمحيط الأطلسي عند مصطاف المهدية ، وفي ملتقى الطرق التجارية الرئيسية والهامة الرابطة بين مدن شرق و شمال المملكة ووسطها ( فاس ، مكناس ، تطوان ، طنجة ، الرباط والدار البيضاء ) تعتبر في نشأتها حديثة العهد جدا ، شأنها في ذلك شأن العاصمة الاقتصادية وخلافا للمدن الأخرى على سبيل المقارنة .



فتاريخ مدينة القنيطرة ، في حد ذاتها لا يتعدى 120 سنة ، وإن كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بقصبة المهدية التي يرجع تاريخ بنائها إلى القرن السادس قبل الميلاد على يد " حانون القرطاجي " الذي أقامها فوق هضبة صخرية عـنــد مصــب نهــر سبــو علــى أنـقاض مدينة " تيماتريا " .
كما كانت تسمى " حلق المعمورة " و " حلق سبو " وعرفت الاحتلالين البرتغالي سنة 1515 والإسباني سنة 1614 ، وتمكن السلطان العلوي المجاهد المولى إسماعيل من تحرير القلعة سنة 1681.
وعند اجتياح الاستعمار الفرنسي و دخول الحماية سنة 1912 قرر المقيم العام الجنرال ليوطي بناء الميناء قرب القصبة التي أقيمت سنة 1895 لإقامة حامية عسكرية وبالقرب من القنطرة التي أقامها القائد المخزني علي أوعدي منذ أواخر القرن 17 والتي دمرتها السلطات الاستعمارية سنة 1928 .

المواقع الأثرية

شكلت جهة الغرب الشراردة بني حسن بحكم موقعها بين شمال المغرب وجنوبه , وكذا مؤهلاتها الطبيعية الكبرى محطة عبور واستقرار بالنسبة للعديد من الحضارات عبر حقب مختلفة من التاريخ . وهكذا فهي تزخر بالعديد من المواقع والمعالم الأثرية التي تشهد على الماضي الزاهر للمنطقة, مما يستدعي معرفة هذا التراث أولا , ورد الاعتبار إليه ثانيا ثم توظيفه اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا بهدف تنمية مستدامة لهذه الجهة .

  • تموسيدة
     
يوجد موقع تموسيدة ( سيدي علي بن أحمد ) على الضفة اليسرى لنهر سبو ، على بعد 10 كلم من مدينة القنيطرة.
يرجع استيطان الإنسان بالموقع إلى فترة ما قبل التاريخ كما تدل على ذلك البقايا الأثرية التي تم الكشف عنها بالمنطقة.
أبانت الحفريات التي أجريت بالموقع على بقايا منازل ترجع للفترة المورية وعدة أواني فخارية ترجع في غالبها للنصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد .وقد كشفت الأبحاث الأثرية التي تجري حاليا بالموقع على بقايا من الفخار والأمفورات تأرخ بالقرن الثالث والرابع ق.م.
خلال العهد الروماني عرفت المدينة تطورا عمرانيا مهما ، كما تميز الموقع بإنشاء معسكر روماني إضافة إلى منشآت عمومية ( المعبد ، الحمامات ) ومباني خاصة (المنازل).
وقد عرفت المدينة خلال عهد الإمبراطور تراجان (117-97)م أو الإمبراطور أدريان (117-138)م إعادة هيكلة عمرانية مهمة ، حيث تم توسيع عدة بنايات منها الحمامات المحاذية لنهر سبو (Thernes du fleuve ) وعدة بنايات ومنازل ذات طابع روماني . ويعد معسكر تموسيدة من أهم المنشآت العسكرية بموريطانية الطنجية.
وخلال الربع الأخير من القرن الثاني الميلادي ، أحيطت المدينة بسور يحتوي على عدة أبواب وأبراج . وقد عرفت المدينة حركة اقتصادية مهمة كما تدل على ذلك البقايا الفخارية التي كانت تصل عبر نهر سبو من مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط. وعلى غرار المدن الرومانية التي توجد جنوب نهر اللوكوس ، عرفت تموسيدة جلاء الإدارة الرومانية ما بين 274 و280 بعد الميلاد.
ويعد هذا الموقع من أهم المدن الأثرية المتواجدة بمنطقة الغرب ككل

  • قصبة المهديـة

تقع القصبة عند مصب وادي سبو، على المحيط الأطلسي، على بعد 12 كلم من مدينة القنيطرة, . بنيت فوق منحدر صخري و لا زالت أطلال أسوارها بارزة لحد الآن على الساحل الأطلنتي و ذلك من أجل التحكم في هذه المنطقة الساحلية و حمايتها.
تاريخ هذه المدينة لا زال يلفه الغموض. بعض المؤرخين اعتبروا الموقع ثغرا قرطاجيا يرجع إلى القرن الخامس ق م، البعض الآخر يرجع تاريخ تأسيسها إلى بني يفرن، ما عدا هذا، فالمدينة أو منطقة المعمورة لم يرد ذكرها إلا في عهد الموحدين خلال القرن الثاني عشر الميلادي حيث قام عبد المومن ببناء 120 مركبا في هذه المنطقة. منذ هذه الفترة، انتقلت المدينة إلى مكان تبادل تجاري صغير حيث تتم الاتفاقات و المبادلات التجارية مع الأوروبيين.
هذا التطور لم يدم طويلا حيث تم تدمير المدينة خلال النزاع الذي نشب بين السعيد و أبو سعيد عثمان المريني. في سنة 1515، نزلت القوات البرتغالية بالمنطقة من أجل بناء قصبة عند مصب نهر سبو و قد تمكن محمد البرتغالي السعدي من محاصرة المدينة و طرد البرتغاليين.
في سنة 1614، تمكن الإسبان من استعمار المدينة مــدة 67 سنــة وأطلقوا عليها اسم " سان ميكيل د أولترامار". وبعد عدة محاولات تمكن السلطان العلوي المولى إسماعيل من الدخول إلى المدينة و هكذا و منذ ذلك التاريخ ستعرف هذه القصبة بالمهدية و كان يحكمها القائد علي الريفي الذي بنى بابا كبيرا و مسجدا و قصرا و حماما و سجنا و عدة بنايات.
حاليا هناك مجموعة من البنايات لا زالت بارزة داخل القصبة و التي تجسد أهمية الموقع، نذكر بالخصوص السور ثم بوابتين، ويعتبر الباب الواقع ناحية الشرق الأهم على المستوى الهندسي، حيث تم بناؤه بالحجر بطريقة متناسقة و يذكرنا بأبواب مدينة سلا وأبواب مدينة الرباط الكبيرة مثلا " العلو" و باب زعير و التي ترجع إلى الفترة الموحدية.
بالإضافة إلى هذه البنايات، تضم القصبة بعض البنايات الأخرى ذات الطابع الهندسي المتميز و نذكر منها منزل القائد الريفي و الذي بني خلال القرن السابع عشر الميلادي و حمام خاص ذو نمط إسباني - موريسكي، و مخازن مياه تم سجنا و مسجدا و كذلك مجموعة من الفنادق و المحلات.

0 comments:

إرسال تعليق